يتألم أحدنا حين يثق ببعض الناسويبثه أسراره ,
ثم يكتشف فجأة أن ذلك البعض ليس أهلا للثقه ,ولا خزينة أمينة للأسرار ,
:: لم يكن يستحق منذ البدايه مجرد الإهتمام ناهيك عن الإحتفاء به
وفتح حجرات قلبك له ليسكنها كما تسكن الحنايا قلب الإنسان ::
والأدهى من ذلك حين تسعى إليه بملئ أشواقك وخواطرك لترتاح في روضته ,
فإذا بك تكتشف أن تلك الروضه مليئه بالأشواك والمصائد اللتي نصبت لإصطياد
مكنوناتك لصبها في أذان الوشاة والخصوم ,
وذلك ـ للأسف ـ مقابل ثمن بخس قد يكون حقيقيا وقد لا يكون إلا مجرد وهم
وسراب فلا يعود صاحبه حتى بخفي حنين .
والغريب أنك حين تصد عن أمثال هؤلاء وتترفع عن مجالستهم أو مواجهتهم
فإنهم ينزلقون إلى هاوية إتهامك بالجبن والضعف وغيرهما من الأوصاف الذميمه
التي يمتلئ بها قاموس ثقافتهم الهشه .
إن التلاعب بمشاعر الناس أمر مستهجن منكور لا يمكن أن يقوم به إلا إنسان مريض
مشوه القلب ضعيف الفكر يستغل القلوب البريئه لتحقيق أغراض دنيئه (أعزكم الله)
دون عابئ بآداب الإتصال والتواصل مع الآخرين فيظهر لك بمظهر الملاك
وهو في سراديب نفسه المظلمه شيطان رجيم ..
فليحذر كل منا أمثال هؤلاء المخادعين بعد أن يكتشف حقيقتهم النكراء ,
طالما يستحيل الكشف عنهم منذ أول وهله بسبب براعتهم
في التقنع بلثام البراءه والســـماحه والوقار .
..........................
ولا نقول بسوء الظن بالناس أبدا ,
لأن الأصل في الإنسان هو الطيب والكرم , وليس الخبث واللؤم ,
لكن بعض النفوس قد تنحرف عن الجاده والفطره السويه فتحاول خداع الآخرين
والتغرير بهم وتتصور أنها تخدع غيرها بينما في واقع الأمر لا تخدع إلا نفسها
ولا ترى الآخرين إلا من خلال طبعها المتأصل أو إنحرافها العارض فتتصور
الشر في كل الخلائق وتسيء الظن بالجميع ! .
ولولا أن في المقابل نفوسا كريمه وقلوبا حنونه وعقولا راجحه نتحاور معها
ونهدأ عند ضفافها ونرتاح في سكون رياضها لااستحالت الحياة إلى جحيم ,
ولكن رحمة الله أبت إلا أن تقرن الخير والحب والجمال بأضدادها لتتميز الأشياء
ويدرك الإنسان معانيها بجلاء ووضوح ويستبين أهمية القيم الجميله والأخلاق الفاضله
في توازن الإنسان وسيره في الحياه الصعبه ومواصلة مشوارها حتى النهـايه .
...........................
إن الحياه بلا قيم ومبادئ لا تساوي شيئا ,
وتبدو لنا متجهمه كئيبه في جحيم غيابها ,
مما يحتم علينا جميعا أن نبني جسور الثقه وحسن الظن بالآخرين
وأن نلقي بذور الأمل والتفاؤل في النفوس القاحله الجرداء .
..........................
أتوقف أخيراً وأسأل
لماذا نتلاعب بمشاعر غيرنا ؟