مشوار سرّار في 8 سنوات، وتخوف من نهاية رجل شجاع
سيكون الموعد حاسما أمسية اليوم بدءا من الساعة الرابعة بمناسبة الجمعية العامة العادية لوفاق سطيف، وإذا كانت هذه الجمعية مخصصة في الأساس لعرض التقريرين المالي والأدبي لموسم 2009-2010، فإن الأهم فيها سيكون استقالة سرّار في نهاية أشغال الجمعية العامة.صدفة التاريخ و8 سنوات بالضبط على بدء الرئاسة ومن الصدف أن مسيرة سرّار كمسير للوفاق السطايفي بدأت في موسم 94-95 كرئيس للفرع مع يزيد قيرواني، وامتدت إلى سنوات طويلة تقلد فيها المعني مناصب رئيس الفرع، المناجير العام، وحتى رئيس فرع الكرة الطائرة، وكان في تلك الفترات وراء مجيء أغلب رؤساء الوفاق، وكان أيضا أول من ينقلب عليهم فيما بعد، وكان وقتها يشبه بأنه الرئيس خلف الستار إلى غاية سنة 2003.
الوالي نوري أجبره على الرئاسة في 13 فيفري 2003
وفي موسم 2002-2003 كان يرأس الوفاق كمال الدين محدادي، ومع بدء مرحلة الإياب وتحسن نتائج الفريق وقتها دخل اللاعبون في إضراب عن التدريبات هو الثاني من نوعه، وصعدت اللهجة بين اللاعبين ومحدادي بسبب قضية الصكوك، مما أدى إلى تدخل الوالي الحالي لتلمسان عبد الوهاب نوري بمناسبة عيد الأضحى وقيامه بتعيين سرّار رغم رفض الأخير، ليكون رئيس الوفاق المؤقت إلى غاية نهاية الموسم الكروي 2002-2003، ومن الصدف أن هذا التعيين أو الإجبار بالرئاسة كان في نفس هذا اليوم تقريبا، لأن تعيين سرّار من قبل الوالي نوري كان بالضبط يوم الخميس 13 فيفري 2003 (8 سنوات بالضبط على تاريخ اليوم).
فترة انتقالية انتهت بانتخابه لسنة واحدة وبعد فترة التسيير المؤقتة التي دامت من 13 فيفري 2003 إلى غاية نهاية الموسم الكروي 2002-2003، تم إجراء جمعية انتخابية في نهاية جوان 2003 تم انتخاب سرّار فيها لمدة موسم رياضي واحدة (إلى غاية نهاية العهدة الأولمبية في 2004)، وقد تم رفض ملف منافسه في تلك الانتخابات بن واري لعدم إقامته في الجزائر.
وانتخب ثانية وثالثة لعهدات أولمبية وبعد نهاية الموسم الأول له كرئيس منتخب وتمكن الوفاق فيه من احتلال المرتبة الرابعة في 2004 والتأهل للعب دوري أبطال العرب بعد سنوات طويلة من غياب المنافسة الخارجية، جاء انتخاب سرّار من جديد لعهدة أولمبية، وهذا في شهر جوان 2004 بعد انسحاب منافسه أثناء جلسة الجمعية العامة الانتخابية توفيق عسيلة الرئيس السابق للجنة الأنصار، كما تم انتخاب سرّار كرئيس للمرة الثالثة ولعهدة أولمبية أخرى في جوان 2008، بعد أن كان المرشح الوحيد في تلك الانتخابات.
غيّر موازين القوة، ومفاهيم اللاعبين، المال والأهداف
وفي فترة 8 سنوات التي تقلد فيها سرّار منصب رئيس الفريق سواء في الفترة المؤقتة بين فيفري وجوان 2003 أو 3 فترات التي تم انتخابه فيها كرئيس، كان سرّار وراء تغيير كل مفاهيم الكرة الجزائرية، ومعالم القوة في أقطاب الكرة الجزائرية بتحويله الوفاق من مجرد فريق يكتفي بالتشريف، والنجاة في نهاية كل موسم بقدرة قادر، والحديث عن تاريخه الكبير وأنه كان في الثمانينات والستينيات، إلى فريق ينافس من أجل الألقاب ويقال عنه إنه الأحسن في الجزائر، وبل من أحسن الأندية في إفريقيا بعد أن غير مفاهيم المال والتسيير.
بنى فريق الألقاب بصكوكه الشخصية وغامر أو قامر بالسجن
وإذا كان سرّار قد أعاد الوفاق إلى التنافس الخارجي من خلال المشاركة في دوري أبطال العرب للمرة الأولى في موسم 2004-2005، فإن ما حدث بعد إقصاء الوفاق أمام اتحاد جدة في 2 مارس 2005، كان وراء تغييره السياسة بالكامل، من خلال وصوله إلى القناعة بأن هذه المدينة وهذا الجمهور أكبر من أن يتنافس فريقه على الأدوار الأولى ولكن يجب أن يكون لعبه من أجل الألقاب، وكان قراره بجلب اللاعبين الكبار متخذا قرارا انتحاريا باستدانة الأموال باستعمال الصكوك الشخصية، وهي المغامرة (أو المقامرة كما سماها سليم أوساسي في الإذاعة)، التي قد تدخل صاحبها السجن.
الصكوك كانت تدور تزيد ولكنها أعادت التتويجات
وكانت الصكوك الشخصية لسرّار وراء جلب اللاعبين، والذين جلبوا بدورهم النتائج وزاد مع ذلك عدد الجمهور، الفرجة، الإمتاع والنتائج، وزادت وقفة السلطات وكذا رجال الأعمال والممولين، وعادت التتويجات بفضل البحبوحة المالية التي نشأت وكانت في البداية من صكوك سرّار الشخصية، كما ساهمت أموال "أرتي" ودوري أبطال العرب في دفع الوفاق إلى الأمام، وفي المقابل بقيت الصكوك تدور من شخص إلى آخر بعد أن تحولت من صالحي إلى سكلولي ثم بلعياط ووصلت في وقت ما إلى أكثر من 10 مليارات قبل أن يتخلص منها سرّار نهائيا قبل أسبوعين من الآن، ولا يمكن القول عن قرار سرّار باستلاف أموال للوفاق بصكوك شخصية سوى بأنه شجاع ومتهور في نفس الوقت، لأنه فتح باب السجن لنفسه وكان مهددا به في أي لحظة.
قطف الثمار بدأ في 2007 وأفضل فترة في تاريخ الوفاق
وقد بدأ الوفاق يقطف ثمار سياسة سرّار وحتى إن لم تكن هناك تتويجات في فترة 2003 إلى 2006، بدءا من 17 ماي 2007، حين توج الوفاق بطلا للعرب في الأردن، لتكون البداية لثمانية ألقاب كاملة في فترة 3 سنوات ونصف.
عانى كثيرا من الجحود وانقلب عليه من صنعهم
وكان سرّار قد عانى من الجحود في المرحلة التي كان فيها رئيسا للوفاق، وخاصة من خلال المشاكل الكبيرة وحرب التصريحات والتهجم من المدربين بصفة خاصة، وخاصة مع بلحوت (في فترة ما) وزكري رغم أن سرّار هو من صنعهم وأعطاهم أسماء بعد أن منحهم شرف تدريب الوفاق ولا أحد يسمع بهم، ولكن عوض أن يقولوا شكرا على الاسم ذهب زكري إلى التهديد أنه سيقول حقائق خطيرة و و و، ولكن بعد أشهر من ابتعاده لم يقل لا حقائق خطيرة، ولا حتى حقائق صغيرة، ولم تكن سوى تلاعبا بمشاعر الأنصار وتهييجهم، ولكنها واحدة من سلبيات سرّار وهي صنع أسماء لأشخاص ينقلبون عليه بسرعة.
أكبر من له فكرة احترافي تجاري في الأندية
ويبقى سرّار من أكبر رؤساء الأندية الذين لهم فكرة احترافي، وأول من فكر في مشروع إنشاء شركة تجارية، بل إنه أول من بدأ العمل باللوحات الإشهارية، السبونسور على القميص (عندما تقلد منصب رئيس الوفاق وفي أول لقاء أمام الكاب في سفوحي يوم الإثنين 17 فيفري 2003، لم يكن قميص الوفاق يحمل سوى عبارة وفاق سطيف فوق رقم اللاعب)، وكذا كان أول من وضع نظام بطاقات الاشتراك، وحتى نظام الرحلات الخاصة في السفريات داخل وخارج الوطن، ويبقى أنه نقل الفريق من العدم واللعب على تفادي السقوط إلى أقوى ناد في الجزائر يحوز على 11 لاعبا دفعة واحدة في المنتخب الوطني للمحليين .
قيمة الانجازات يعرفها أنصار بقية الفرق أكثر
وإذا كان أنصار الوفاق السطايفي لن يعرفوا قيمة رئيسهم الحالي الفعلية لأنه بكل سلبياته الشخصية والتسييرية يبقى الرئيس الوحيد القادر في الفترة الحالية على إيصال الوفاق إلى اللقب الذي ما زال ينقصه وهو رابطة أبطال إفريقيا، فإن أنصار بقية الفرق الأخرى يعرفون قيمة رئيس وفاق سطيف أكثر من أنصار وفاق سطيف، وبالتأكيد أن أنصار الوفاق ممن تنقلوا إلى نهائي تشاكر العربي في 22 ماي 2008، يتذكرون جيدا ما قاله لهم أنصار البليدة يومها، بأنهم لا يريدون أن يعير لهم الوفاق لاعبين، ولكن قالوا نريد أن نستعير سرّار لمدة موسم يجلب فيه لقبا للاتحاد البليدي ثم يعود إلى سطيف.
وعند أنصار الوفاق يعرفها القدامى أكثر من الجدد
أما عند أنصار الوفاق الذين أوصلهم سرّار إلى تشبع من ناحية عدد المقابلات الدولية، فإن الآلاف من أنصار الوفاق من الذين فتحوا أعينهم على كرة القدم مع تتويج الوفاق العربي في 2007، لا يعرفون هذه القيمة فعليا، بقدر ما يعرفها أنصار الوفاق الذي فتحوا أعينهم على كرة القدم ووجدوا الوفاق يلعب في بطولة القسم الوطني الثاني مع أندية مكارم ثليجان، وفاق تبسة، جيل عزابة، بناء قسنطينة، سريع الحروش وغيرها من الأندية، أو وجدوه يلعب في كل موسم لتفادي النزول وينجو بقدرة قادر.
مغادرته ستكون فرصة للمنتقدين وحذار الندم
وتبقى مغادرة سرّار لرئاسة الوفاق أمسية اليوم بعد نهاية أشغال الجمعية العامة بمثابة الفرصة أيضا لمن ظلوا ينتقدون سرّار سواء من السلطات، رجال الأعمال، أو من فئة من أنصار الوفاق المتخصصة في التنظير الرياضي التي لا يعجبها أي شيء، ولكن حذار من الندم في وقت لاحق لا نفع فيه الندم، وخاصة أن سرّار ما زال يتذكر يوم شتمته مجموعة من الأنصار 48 ساعة قبل لقاء وفاق سطيف – النادي الصفاقسي التونسي على هامش الحصة التدريبية التي بكى فيها نور الدين زكري للأنصار، وقالوا له بصريح العبارة "يروح سرّار وتبقى أنت"، وقد حان وقت ذهاب سرّار لهذه الفئة من الأنصار وسيرى كل واحد سيناريو ما سيحصل.
أمل بقاء سرّار دوما يراود الأنصار
وفي الوقت نفسه فإن معطيات الساعات الأخيرة والتحركات كانت كبيرة من أجل إقناع سرّار بعدم الانسحاب والوعد بتحسين الظروف، وفي انتظار الجمعية العامة وإن كانت الاستقالة فإن نهاية مشوار 8 سنوات بالضبط، سيكون أشبه بنهاية رجل شجاع في حين أن البقاء سيُبقي الأمل على الدوام في ألقاب جديدة.